طراز العصر الفاطمي
كان فتح الفاطميين لمصر في عام 969م ضربه من أشد الضربات التي عانتها خلافة بغداد(ابو صالح الالفي :44) ولقد تمكنوا من الاستيلاء على حكم المغرب بمعاونة قبائل البربر الذين يمثلون اغلبية اهالي شمالي افريقيا.
واتخذ زعيم الفاطميين "عبدالله المهدي" لقب امير المؤمنين وجعل عاصمته مدينة القيروان ومن ثم ترك القيروان وشيد لنفسه عاصمه جديده عام 303 عرفت باسم المهدية .
- يمكن تقسيم مدة الخلافة الفاطمية التي تزيد عن القرنين الى فترتين : الفترة الاولى استغرقت حوالي قرن وامتاز خلفاؤها بقوة الشخصية ، وازدهرت في عصرهم الاداب والعلوم والفنون . والفترة الثانية كان خلفؤها خصاما معظمهم اطفال صغار عندما تولوا الحكم مما اتاح الفرصة لبعض الوزراء للإستيلاء على الحكم . وبعد خلافات انتهت الدولة الفاطمية عام 567
العمارة :
كان للفاطميين نشاط معماري في عاصمتهم المهدية ، وحيث شيدو لها جامعا وقصورا ثم أحاطوها بسور شاهق من الحجر الابيض المدعم المزود بأبراج وبوابات عظيمة وكان الفن الفاطمي متأثرا بالاسلوبين المغربي والاموي .
عمارة المساجد :
اقام الفاطميون في مصرعمائر دينية كثيرة هي جوامع الازهر ، الحاكم الاقمر ، الجيوشي ، الصالح طلائع . ويلاحظ في عمارة هذه المساجد ارتباطها تارة بالاسلوب الطولوني وتارة بالعمارة المغربية ولقد اهتم الفاطميون بواجهات مساجدهم.
جامع الازهر :
ترجع اهميتة انه اقدم الجوامع الفاطميه بمصر ، شيده جوهر (359-361هـ) بأمر الخليفة المعز لدين الله قبل قدومه للقاهرة . وبالاضافه الى استخدامه للتعبد كان يستعمله كمدرسه لنشر المذهب الشيعي. ولقد ادخلت عليه تعديلات وزيادات في العهود التالية . ويظهر في عمارة هذا الجانب التأثر بأسلوب جامع القيروان.
جامع الحاكم:
بدئ في تشييده في عهد "العزيز بالله" عام 380 هـ وتم بناؤه في عهد ابنه "الحاكم بأمر الله" عام 403هـ ويتضح من عمارة هذا الجامع ارتباطه بعمارة الجامع الطولوني ، حيث شيدت دعائمه بالآجر ، اما المئذنتان الواقعتان في ركني واجهة المدخل فاستخدمت الحجارة في تشييدهما.
ويتميز المدخل الرئيسي ببروزه عن الواجهة بمقدار ستة امتار ص84 وباب ذي عقد مدبب ويوجد بالجامع بوابات اخرى صغيرة عددها ثمان موزعه على جدران المسجد ، اربع بالواجهة الرئيسية واثنان بالجهة الشرقيه وباب بالجهة الغربية وآخر في الجدار القبلي . وتزين واجهة بوابة المدخل الرئيسية حنايا بها نقوش هندسية ونباتية .
ويحيط بصحن الجامع اربعة اروقه اكبرها رواق القبلة الذي يتكون من خمس بلاطات موازية لحائط القبلة ، كما توجد ثلاث قباب برواق القبلة والعقود مدببة يوجد على بعضها زخارف نباتية منفذة بالاسلوب الفاطمي .
ومن اجمل المساجد الفاطمية مسجد الاقمر الذي تم بناؤه في عهد الامر بأحكام الله "ابو علي المنصور" في عام 519 هـ وترجع اهميتة الى واجهته الحجرية الغنية بزخارف منحوته . وهي تعد اول واجهة العمارة دينية في مصر زخرفت بهذا الاسلوب . وتتكون زخارف الواجهة من حنايا على شكل صدفة ، كما توجد به زخارف من المقرصنات . ولقد كتبت على واجهة المسجد اسماء من اقاموه.
الاضرحة :
اهتم الفاطميون بتشييد الاضرحة في مصر، ومن اهمها ضريح السيدة رقية الذي شيد عام 527هـ وينكون من ثلاث حجرات وتعلو حجرة المدفن قبه.
كذلك شيد الفاطميون ضريح المشهد الحسيني الذي دفن به رأس الامام "الحسين بن علي" بعد نقله من عسقلان الى القاهرة ، وضريح الجيوش بالقلعه.
عمارة القصور:
لم يبن اي اثر لقصر النوافذ الذهبية الذي شيده الفاطميون في المهديه.
شيد القصر الشرقس الكبير عام 363هـ ليقيم به "المعز لدين الله" واسرته ولقد وجد بالقصر تسع بوابات ضخمة .
القصر الغربي:
بدأ في تشييده الخليفة " " 365-386هـ واتمه "المستنصر" بن عاصي 450-458هـ وقام بهدم جزء كبير منه صلاح الدين الايوبي. وفي قلقه بني حماد عثر على آثار ثلاثة قصور: قصر المنار وقصر التحية ودار البحر واكبرها دار البحر.
الزخارف الجصية والحجرية:
زخرفة السطوح الحجرية بنقوش ذات عناصر متعددة هندسية ونباتية وآدمية ومن اقدم هذه النقوش لوح من الحجرعثرعليه في المهدية يصور أميرا جالسا وفي يده كأس وامامه فتاة تعزف على مزمار . ويظهر فيه التأثير بالفن الساساني الذي ظهر في العصر العباسي . وتتكون زخارف النقوش الجصية الموجودة في رواق القبلة في الجامع الأزهر من وحدات نباتية مستمدة من اسلوب الزخارف الطولونية والعباسية الا انها تختلف عنها في طريقة التنفيذ.
- واعتنوا برسم سيقان النباتات
- وتزداد اهمية الزخارف الكتابية في العصر الفاطمي وينتشر استخدام الخط الكوفي المشجر فوق ارضيات مورقه من التفريعات النباتية (الأرابيسك)
- ومن الأساليب المعمارية التي ابتكرها الفاطميون استخدام اشكال المقرنصات كزخارف تزين السطح ويعد هذا ابتكارا جديدا في الفن الاسلامي.
- ولقد ظهرت عناصر من الفنيين القبطي والفارسي في الفن الفاطمي بعدما استقر الفاطميون في مصر مثال وحدات السمك او الحمام التي تظهر بين الزخارف النباتية.
الفنون الصغيرة :
النحت على الخشب والعاج:
تطور الحفر على الخشب في العصر الفاطمي كما تطور في النقوش الحجرية الجصية وتمكن الصناع من انتاج حشوات محفورة بأشكال نباتية وحيوانية وآدمية غاية في الابداع ، ولقد استمر طريقة الحفر المائل الذي كان من مميزات العصر الطولوني .
- كما تخلى الفنان الفاطمي عن اسلوب النحت المائل العباسي وبدأ بمعالجة الموضوعات النباتية بدقة اكثر . كما اقبل على استخدام الاشكال الحيوانية كعناصر زخرفيه ، مثال ذلك حشوة خشبية مستطيلة كانت تزخرف بابا خشبيا
- ويظهر في اواخر العهد الفاطمي اسلوب زخرفي جديد في نقوش الاسطح الخشبية فتظهر اشكال نجمية وسداسية بها زخارف نباتية واحسن مثال لذلك محراب السيدة نفيسه .
العاج:
انتجت مصر في العهد الفاطمي حشوات عاجية مزخرفة بعناصر نباتية وحيوانية وآدمية تشابه زخارفها مع زخارف الالواح الخشبية التي وجدت بمارستان قلاوون
- وينسب الى العصر الفاطمي ايضا حشوات من العاج مزركشة بزخارف بارزة تصور امراء في مجالس حراب وصيد على ارضية تملؤها زخارف نباتية .
- ومن التحف العاجية الفاطمية مجموعه من الابواق العاجية والعلب المستطيلة المزينة بوحدات طيور وحيوانات وآدمية داخل مناطق مستديرة
التحف المعدنية:
برع الفاطميون في إنتاج الصناعات المعدنية كان بعضها تستخدم في أغراض عملية مثل الأباريق والأواني وبعضها للزينة فقط .
كما وجدت قطع استخدمت في أغراض أخرى كصنابير المياه التي كانت تشكل أحيانا على هيئة اسود من البرونز .
ومن اشهر التحف التي أنتجت للزينة حيوان من البرونز له جسد اسد بجنح ورأس طائر .
واشتهروا بالحلي الذهبية والمرصعة بالأحجار الكريمة . كما تمكن الفنان من زخرفة هذه التحف المعدنية بالميناء .
الخزف :
عثر على الكثيرمن القطع الخزفية ذات البريق المعدني .. ولقد زينوا الاواني برسوم وزخارف لموضوعات آدمية وحيوانية ملونة
- ويمكن تقسيم الأواني الفاطمية تبعا لزخارفها الى مجموعتين : الاولى رسمت زخارفها بخطوط خارجية واضحه ، وكانت الرسوم الادمية ورسوم الحيوان هي العنصر الاساسي في الزخارف اما الفروع النباتية والاوراق عنصرا ثانويا . ويفضل الفنان عادة رسم وحده واحده آدمية او طائر او حيوان بحجم كبير يأخذ الصدارة في سطح الاناء . ومن احسن الامثلة طبق مرسوم عليه بالبريق المعدني الاصفر صورة حصان مجنح.
اما زخارف المجموعه الثانية فتظهر بها موضوعات مختلفة حافلة بشخصيات كثيرة .
الزجاج والبلور الصخري :
عرفت مصر صناعة الاواني الزجاجية من عصور ماقبل الاسلام خاصة الفسطاط ووصلت هذه الصناعة الى اوج قمتها في اوائل العصر الفاطمي (القرن العاشر الميلادي) وانتشرت طريقة زخرفة الزجاج برسوم البريق المعدني والمينا.
- انتجوا اواني زجاجية مزخرفة بخيوط بارزة او مضغوطة ذات الوان متعددة ولقد صنعت هذه الزخارف بواسطة عجينة ملونة تضاف على السطح وقد تظهر على شكل نقط . وهذا تقليد لزخارف الفيسفساء الزجاجية التي عرفت في البندقية باسم الالف زهر .
- ومن اجمل ماانتجه الصناع في العصر الفاطمي اوان زجاجية من البلور الصخري ومن ذلك ابريق باسم الخليفة الفاطمي "العزيز" مزخرف برسم اسدين بينهما شجرة الحياة كما يوجد على المقبض نحت لخروف صغيرة .
- ولقد شاع استخدام العناصر الساسانية في الزخارف الفاطمية حتى اواخر عهد الدولة ويظهر ذلك في ابريق مزخرف برسم صقر ينقض على غزال .
- ولقد شاعت في العصر الفاطمي صناعة اوان من الزجاج السميك ذات زخارف مقطوعه بدلا من اواني البلور الصخري التي كانت تتكلف نفقات باهظة
صناعة النسيج :
تميز العصر الفاطمي بازدياد نشاط مصانع النسيج التي عرفت باسم دور الطراز، وكانت هذه المصانع تنتج اقمشة الفاخرة وذلك لاهتمام الخلفاء بمظاهر الفخامة في ملابسهم وبالخلع التي كانو يخلعوها على كبار رجال الدولة في المناسبات المختلفة .
وكانت المنسوجات الصوفية تصنع بالصعيد وتصدر الى بلاد الفرس.
كما اصبحت مصر تنتج كسوة الكعبة كل سنة ، وكان النسيج يزين عادة بشريط مزخرف بأشكال هندسية متكررة سداسية او معينة او بيضاوية ، ويوجد في كل رسم طائر او حيوان في اوضاع متقابلة او متدابرة ، ويحد هذه الاشرطة من اعلى وأسفل اشرطة من الكتابة العربية . وتعرف هذه الاشرطة ايضا باسم الطراز.
ولقد قسم العلماء المنسوجات الفاطمية الى اربع مراحل تبعا لزخارفها : الاولى اشرطة الكتابة الكوفية منفذة باسلوب عباسي ، ويكثر عدد الشرائط في زخارف العصر الثالث حتى تكاد تخفي الارضية الكتابية .
التصوير الجداري:
ذكر المقريزي وجود مدرسة للرسوم الحائطية الملونة الاسلامية ازدهرت في مصر في العصر الفاطمي ، وذكر ان المصورين العراقيين تباروا مع المصريين في رسم تصاوير جدارية اظهروا فيها مهارة في التلاعب بتأثير الالوان ويؤيد وجود هذه المدرسة تصاوير جدارية عثر عليها في حمام بجهة ابي السعود بمصر القديمة .
ولقد وجدت هذه التصاوير الملونة في حنايا الجدران ، وتتألف رسومها من زخارف نباتية وطيور ، كما وجدت بها صورة شخص جالس يحمل كأسا (ش89) وبقايا رسم لراقصة في حنية اخرى .
الطراز الفاطمي الذي نشأ وازدهر في مصر كان مزيجا من الاساليب العراقية الساسانية التي انتشرت في ايران والعراق في العصر العباسي وبعض الاساليب المحلية التي وجدت في البلاد قبل قدومهم .
وكانت الرسوم الآدمية والحيوانية هي العنصر الرئيسي في زخارف مصنوعاتهم الخشبية والعاجية . كما اقبل الفنانون على استخدام هذه الرسوم في زخارف الخزف الفاطمي ذي البريق المعدني الذي اجادوا صناعته ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق